الدقة في نطق كلمات الأغنية جزء مهم فيما يتعلق بأمانة توصيلها للمستمع وكثيراً ما يحدث تحريف أو تقديم مقطع على آخر خاصة في أداء الشباب للأغنيات المسموعة، ونادراً ما نجد فناناً شاباً يلتزم بحفظ كلمات الأغنية بطريقة صحيحة وهنا يقع هؤلاء الشباب في إشكالات لأن الواحد منهم غالباً ما يكون قد استمع إلى تلك الأغنية من فنان شاب آخر، أي انهم لا يحرصون على الاستماع للأغنيات من أصحابها لذلك يكررون أخطاء بعضهم البعض بطريقة تسهم في تشويه مضامين تلك الأغنيات، هذا ان لم تفسدها تماماً. فرفور عكس المعنى تماماً النماذج كثيرة، ولكن سنأخذ بعض الأمثلة فمثلاً الفنان جمال فرفور يقع في خطأ فادح جداً يؤكد ضعف ثقافته الخاصة بالتراث الغنائي وذلك عندما يقول: يا مُقِنع الكاشافات والصحيح مُقْنِّع والأولى تعنى (إقناع) والثانية مقصود بها (الحماية) وحفظ الكاشفات، وبذلك يكون فرفور قد عكس معنى الأغنية تماماً وهذا المقطع في أغنية (خال فاطمة) ولو كان خال فاطمة عائشاً لحلق شاربه غضباً وسخطاً مما فعله فرفور في تلك الأغنية الخالدة والمحتشدة بكل معاني الكرم والشهامة والمروءة. محمود عبد العزيز يتجنى على (زنوبا) أما النموذج الثاني فهو يتمثل في أغنية (زنوبا) والتي تغنى بها عدد كبير من الفنانين الشباب والفرق الغنائية وبعض الاثيوبيين من الفنانين والفنانات ولكن توقفت عند أداء محمود عبد العزيز لها والذي رغم روعته إلا انه أفسد ذلك بقول «الزمن ساقني مشيت جبال نوبه، (قبضته) لى طبية...) والخطأ في كلمة (قبضته) لأن الصحيح (لمحته) وهي كلمة رشيقة تتناسب وتصوير المعنى المقصود، أما (القبض) فانه يجرد الأغنية من كل معانيها الرقيقة كما يفسد سياق القصيدة، ويذهب في اتجاه غير الذي أراده الشاعر، بمعنى انه أي الشاعر يشبه الفتاة الجميلة (بالظبية) لذلك يقول انه لمحها... وبعدها يقول (شالت) خلاص قلبي وحبيته زنوبا... واذا اتفقنا مع محمود عبد العزيز في أن كلمة (قبضته) هي الأنسب فان القصيدة يجب ان تنتهي عند ذلك الحد، طالما انه قبض الظبية فكيف تشيل قلبه وهو قابض بها.. (انصفني) تحولت إلى (انسفني) نموذج ثالث استمعت إليه من فنان شاب غير معروف ولكن طريقة نطقه لكلمات أغنية (انصاف) للراحل التاج مصطفى تؤكد بأنه من قبائل السودان غير الناطقة بالعربية، وهذا الشاب صوته جميل واحساسه كذلك ولكن عدم الذكاء الاجتماعي أوقعه في المحظور وذلك عندما يقول يا روحي (أنسفني) ويقصد (أنصفني) وهو لا يقصد طبعاً ولكن لسانه لم يطاوعه على زن ينطق تلك الكلمة بطريقة صحيحة وهنا كان على هذا الفنان ألا يتغنى بهذه الأغنية لمجرد انه اعجب بها، وأنصحه بأن يقدم أغنيات بلهجة قبيلته لأن صوته جميل، كما أنصحه بألا يدخل نفسه في تلك (المطبات) الحرجة وكان عليه أن يعرض تجربته على عدد من الحادبين قبل أن يتجرأ ويسجل تلك الأغنية في شريط كاسيت.