من ابرز المواضيع التي يهتم بها غير المسلمين هي أوضاع المرأة المسلمة وحقوقها, أو بالأحرى عدم نيلها لحقوقها. ويساهم الإعلام بترسيخ الصورة السلبية للمرأة المسلمة بإظهار الإضطهاد الممارس ضدها والظلم الواقع عليها.
السبب الحقيقي لهذه الصورة, هو الخلط الحاصل لدى معظم الناس ما بين العادت والدين، بين ما يقوم به الناس اتباعا للعرف وبين ما يقوم به الناس اتباعا لتعاليم الدين؛ الدين الاسلامي الذي يدين وبشدة الاضطهاد بشتى أنواعه سواء أكان ضد المرأة أو ضد الإنسانية بشكل عام.
القرآن الكريم هو الكتاب الذي انزله الله تعالى على خاتم الانبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم منذ 14 قرنا والذي لم يتغير فيه حرف منذ ذلك الوقت ولم يتعرض لأي تحريف.
ففي سورة الأحزاب، الآية 59 يقول الله سبحانه وتعالى :" أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"
هذه الآية تبين ان ارتداء الحجاب من الثوابت في الإسلام. والحجاب في الإسلام لا يعني فقط غطاء الرأس ( كما يظن البعض) بل هو ارتداء الفضفاض الذي لايصف ولا يشف ولا يلفت الأنظار.
البعض يظن ان حجاب المرأة نوع من الإضطهاد الممارس ضدها، وهذا رأي خاطىء، بل على العكس تماماً فحجاب المرأة المسلمة هو منتهى الحرية لها لأنها بذلك تفرض على من يتعامل معها تقييمها على اساس قدراتها، ذكائها، شرفها وشخصيتها وليس فقط على اساس شكلها أو مظهرها الخارجي.
وبهذا تقيم المرأة على حقيقتها.
ما تفعله المرأة عند ارتدائها للحجاب هو الامتثال لأوامر خالقها سبحانه وتعالى الذي أمرها بالإحتشام والذي يعلم – وهو خالقها وخالق الكون – الافضل لمخلوقاته.
في الدين المسيحي نرى الراهبات وهن يرتدين الزي المعروف لدى الجميع ويضعن غطاءً على رؤوسهن من باب الإحتشام وامتثالا لأوامر الله تعالى – كما كانت ترتدي السيدة مريم عليها السلام- ومع ذلك لا يعتبرهم الناس مضطهدين لامتثالهم لاوامر الله....! وهذا ما تقوم به المرأة المسلمة تماماً.
عندما جاء الإسلام تغيرت حياة الناس بشكل كبير عندما خرجوا من ظلمات الجاهلية لنور الإسلام باتباعهم لتعاليم الدين الحنيف، وبخاصة المرأة التي احست بأنها ولأول مرة تعامل على حد سواء مع الرجل وبأنها اصبحت تمتلك نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات كما للرجل.
ولأول مرة في تاريخ البشرية يكون للمرأة في الإسلام ذمة مادية مستقلة عن الرجل. وما يتم إعطاؤه لها عند الزواج من قبل الزوج بالإضافة إلى مالها الخاص فلها وحدها وليس لأي أحد حق التصرف به غيرها.
تمتلك المرأة في الإسلام حق اختيار زوجها ولها الحق في الطلاق في حال تضررها. كما تمتلك حق التعلم و ليس كما يظن البعض. أما مسؤولية الانفاق فتقع على من يعيلها حتى لو كان لها دخل أو مال خاص فهي غير ملزمة ان تنفق على نفسها.
كرم الإسلام المراة أعظم تكريم ورفعها لأعلى المراتب. ففي الجاهلية كان للأولاد الذكور التفضيل الكبير على مواليد الإناث. كان الذكور يستقبلون بالبهجة والسرور، بينما كانت الإناث تستقبل بالحزن والخجل وقد يصل حد الكراهية في بعض الأحيان إلى دفنهن أحياءً تحت التراب.
جاء الإسلام ليبطل هذه العادات الجاهلية ويقف ضد أي تمييز ممارس ضد المرأة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة." أي أن للرجل وللمرأة على حد سواء القدرة على الفهم والتعلم فلا فرق بينهما. وبما انه من واجب المسلم التحلي بالأخلاق والصفات الحميدة وتجنب كل قبيح، فعلى المرأة المسلمة أن تكون على قدر كاف من الثقافة والوعي لتطبيق تعاليم الإسلام بما يتوافق مع طبيعتها واهتماماتها في كل مناحي الحياة.
من أولى وأرفع اهتمامان المرأة هي اسرتها؛ فعليها الاهتمام بأولادها وتعليمهم ودعم زوجها والوقوف الى جانبه ورعايته. كما يمكن للمرأة أن تعمل خارج منزلها لو امتلكت القدرات والمهارات التي تؤهلها لذلك وتقدم من خلال عملها خدمة للمجتمع ولكن بشرط ان لا يتعارض عملها مع أولوياتها كمعلمة ومربية ومسؤولة داخل منزلها وأن تلتزم بالزي الإسلامي وان لا تخالط الرجال.
ان خلق الله تعالى للمرأة والرجل بفروق جسدية وقدرات مختلفة تؤهلهما لأعمال مختلفة تتناسب مع طبيعة خلقهما لا تميز الرجل ضد المرأة، بل على العكس فالله سبحانه وتعالى يجازي كل انسان حسب عمله، فالتقوى هي أساس التمييز في العمل حتى لو كانت نوعية العمل مختلفة.
إن أعظم دور تقوم به المرأة في هذه الحياة الدنيا هي كونها زوجة وأم. قال الرسول الكريم (ص) لصحابته رضي الله عنهم:" الجنة تحت أقدام الأمهات." هذا يعني بأن نجاح أي مجتمع انما هو بفضل الامهات. ذلك لأن الام لها أفضل التأثير على أبنائها؛ فهي التي تمنحهم الحب والأمان وتعلمهم وتدفعهم للتقدم. هذا يستدعي أن تكون الأم متعلمة وواعية لكي تكون أم ماهرة قادرة أن تقوم بدورها المطلوب على أكمل وجه.
جاء رجل الى رسول الله (ص) يسأله :" من أحق الناس بصحبني؟" فأجابه الرسول " أمك ثم أمك ثم أمك " 3 مرات " ثم أباك." هذا يؤكد على قيمة الأم في حياة أي انسان وكم هي مكرمة في الإسلام.
الإسلام دين المساواة والعدل...دين يعامل المرأة بعدل؛ فلقد اعطيت المرأة المسلمة منذ 1400 سنة حقوقاً لم تحصل عليها المرأة في الغرب حتى يومنا الحالي. لقد أعطى الله سبحانه وتعالى المرأة حقوقاً تجعل من المجتمع مجتمعا سوياً، وما يظهر للبعض بأنه " غير منصف " أو " ناقص" فهو إفتراء على دين الله.
قال رسول الله (ص) :" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". يوضح هذا الحديث تشجيع الإسلام على حسن معاملة الازواج لزوجاتهم؛ فعلى الرجل ان يعامل زوجته بكل حب واحترام ويرعاها أحسن رعاية.
ولتعزيز الحب والأمان داخل إطار الزواج، جعل الإسلام للمرأة حقوقا متعددة منها المهر – الذي يقدم كهبة من الزوج عند الزواج- ولا يصح العقد إلا به وهو شرط كم شروط صحة عقد الزواج.
أما الحق الثاني الذي يتوجب على الزوج الإلتزام به تجاه زوجته هو الإنفاق عليها بالمعروف وضمن حدود استطاعته مهما كان مستوى الزوجة المادي......